عرض المقال
الخمسة عين
2012-10-02 الثلاثاء
حال الطبيب الشاب فى مصر يصعب ع الكافر، لا يصدق عوام الناس فى مصر المحروسة الزعلانين من إضراب الأطباء أن الطبيب بعد سبع سنوات تعليم وامتياز بدون إجازات ثم التكليف يصل مرتبه الأساسى إلى أربعمائة جنيه، ولكى يكسر حاجز الألف جنيه لا بد أن يأخذ نوبتجيات واستقبالات وعيادات خارجية كلها فى يد المدير وتحتاج من الطبيب أن يعيش حياته داخل المستشفى وأن يتحول إلى ماكينة وروبوت وإلا عاد إلى الأساسى، حيث يتساوى مع المعدمين وأولاد الشوارع.
هل يستريح هذا الطبيب الشاب الذى شاب قبل الأوان؟ بعد التكليف لا راحة ولا يحزنون، لن يقطف ثمار الانتظار كما يتخيل، بل سيقطف الحصرم والسم الزعاف، مأساة اسمها انتظار النيابة بعد التكليف، لكى يتحول من طبيب كشكول إلى طبيب أخصائى عليه أن يتقدم إلى الوزارة للموافقة على تسجيل الماجستير أو الدبلوم وموت يا..... طبيب، سنوات من الانتظار أمام تأشيرة مدير المستشفى ووكيل الوزارة والوزير وطبعاً الجامعة، والتخصص الذى يريده الطبيب الذى تخشّب عموده الفقرى من الانتظار غير موجود، عايز أطفال مافيش إلا أشعة، عايز نسا مافيش إلا تخدير...إلخ، يقبل الطبيب قائلاً الجودة من الموجود، يحصل على الماجستير بعد أن يتعدى الثلاثين بسنوات، وبداية من هذه السن نعتبره يا دوب قد تخرج بعد الذل والهوان الذى يعانيه أثناء تحضير الرسالة وتسجيلها، والمطلوب منه وهو من ذوات الأربعمائة ملطوش أن يصرف عشرات الآلاف من اللحاليح حتى ينتهى من الماجستير ويخرج إلى الحياة ويرفع راتبه إلى الألف جنيه التى بالطبع لا تكفيه العيش الحاف والتى يحصل عليها أى متسول فى أسبوع!
يشمأنط البعض قائلاً إنها رسالة سامية ويكفيهم أنهم ملائكة الرحمة، والسؤال هل هذا الشاب أبوسامية بدون معدة!! لا يريد أن يأكل، هل هو أغا من خصيان المماليك لا يريد أن يتزوج ويتناسل؟؟! الطبيب أبوسامية يحتاج إلى أبسط متطلبات الآدمية والإنسانية لكى يخدم الإنسانية، هل هذا الطبيب أبوسامية مكتوب عليه أن يكون كوكتيلاً من غاندى وجيفارا وبروس لى لكى يعيش؟ إن طبيب وزارة الصحة يذوق كل لحظة طعم المهانة من مرمطة الامتياز لبلدوزر النيابة لذل الماجستير لتلطيم مكاتب التوظيف السعودية وسماسرة مستوصفات الخليج وبلاد الجاز، ومن يفلت من كل هذه الأمراض النفسية التى تترك بصماتها نتيجة كل هذه اللطمات ينظر فى المرآة ليجد أنه قد تجاوز الأربعين وانحنى ظهره ولم يحقق شيئاً بل صار شبه بنى آدم.
أنا مندهش من هذا التكالب على كليات الطب؟ هل الآباء المصريون مصابون بالسادية والتلذذ بتعذيب الأبناء؟ ذبح الابن والبنت على باب مكتب التنسيق وباب كلية الطب صار طقساً شرعياً سنوياً يمارسه الجميع وكأنهم فى حفل زفاف إلى الجحيم، الخمسة عين التى ينتظرها هؤلاء لم تعد العيادة والعربية والعمارة والعزبة والعروسة بل أصبحت العيا والعمى والعته والعنوسة والعجز الجنسى!
هل تنظر حكومة المانجو والقطونيل بعين العطف إلى الأطباء الشبان الذين يهانون كل يوم بداية من يوم قبض المرتب إلى يوم الهجوم عليهم بالسنج والمطاوى داخل غرف العمليات أم تتركهم يبيعون العويسى والأندروير فى إشارات المرور؟